السبت، 21 فبراير 2009

صرخة قبل فوات الأوان !

صرخة قبل فوات الأوان !

الدكتور عدنان بكريه
يبدو أن الموقف من فلسطينيي الداخل وكيفية نزع شرعية وجودهم بات الأساس لأي ائتلاف حكومي قادم ! ائتلافات تطبخ على نار التمييز العنصري وتنضج على موقد أفكار (ليبرمان) الفاشية التي تتنكر لحق الشعب الفلسطيني وتحاول نزع شرعية وجود الأقلية الفلسطينية هنا .
ليبرمان يشترط دخوله أي ائتلاف حكومي بسن قوانين جديدة (قانون المواطنة والولاء للدولة) متعمدا تهيئة الأرضية القانونية المناسبة لنزع شرعية وجود مليون ونصف المليون فلسطيني ممن بقوا في أراضيهم عام 48 !
الأحزاب الأخرى (كاديما والليكود) تحاول استمالته وإرضائه من خلال الإعلان الصريح بأنها تؤيد تسعين بالمائة من برنامج ليبرمان فيما يتعلق بالأقلية الفلسطينية والتعاطي معها مستقبلا !
حزب ليبرمان والذي اسس على أرضية العداء للعربي وبالتحديد فلسطينيي ال 48 يرى بان فرصته قد جاءت لشرعنة افكاره الفاشية واخراجها إلى حيز التنفيذ وخاصة فيما يتعلق بمستقبلنا هنا ..
لم نستغرب تجاوب حزب كاديما مع أفكار ليبرمان وإعلان (حاييم رامون ) بان حزبه يتفق مع تسعين بالمائة من أفكار وشروط ليبرمان !
((لن يعطى في اسرائيل - التي نعتبرها بيت وطني قومي يهودي- اي مجال للنشاط القومي للاقليات القومية، وبناء عليه ستعطي الحكومة الأولوية - بشكل واضح- لمؤدي الخدمة العسكرية أو إي خدمة أخرى في مجال أمن الدولة، كشرط للقبول للدراسة الجامعية مثلا ))!الى هنا رسالة رامون .
في هذا السياق بودي أن أؤكد على عدة حقائق علينا أن نأخذها بعين الاعتبار ونحملها على محمل الجد وعدم الانتظار الى ان تستشري ظاهرة الفاشية وتصبح وباءا يجتاح المجتمع الاسرائيلي وبالتالي ندفع ثمنها نحن .

اولا - لقد شددنا دائما على ضرورة ان يتم حذف مصطلح (اليمين واليسار الصهيوني) من قاموسنا السياسي والتعاطي مع الصهيونية كقالب عنصري واحد وكفكرة واحدة فالحمائمي رامون يتفق مع ليبرمان اذا تعلق الامر بالعربي وبالتحديد بالفلسطيني ...فمصطلح كهذا من شأنه ان يبيض وجه رامون وامثاله ممن يركبون حصان الحمائمية متى اقتضت مصالحهم وعندما تجيء لحظة الحقيقة تسقط الحمائم ذبيحة تحت عنصريتهم واستعلائهم! جميعهم يؤمنون بمقولة اسيادهم (العربي الجيد هو العربي الميت )!
اليسار الصهيوني ما هو الا صورة مجملة ومزركشة لليمين بشتى تصنيفاته ومسمياته المختلفة !اليسار الصهيوني هو مشروع احتيالي متقلب ولا يمكن المراهنة عليه ... ففي عهد حكومات ما يسمى باليسار الصهيوني شُنت الحروبات وكسرت العظام .. (رابين) نهج ابان الانتفاضة الاولى سياسة "تكسير العظام"لتدخل عالم العنف السياسي من ابوابه الواسعة ! وبيرس قاد اكثر من حرب ليتوج مسيرته السياسية بمجزة قانا عام 96 في لبنان !وباراك ليس اقل منهم عدوانية فهو الذي مثل امام لجنة (اور) بتهمة قتل ثلاثة عشر مواطنا من فلسطينيي الداخل في الايام الاولى لهبة الاقصى عام2000 ! والعدوان الاخير على غزة قاده ما يسمى بالمركز واليسار الصهيوني !فهل يمكننا في ظل هذه المعطيات ان نتحدث عن يمين ويسار في الفكر الصهيوني فهل يختلف الخل عن الخردل ؟!

ثانيا - بعد الفوز الذي حققه معسكر "نتنياهو ليبرمان" فان طروحاتهم انتقلت من المسرح الاعلامي الى المسرح السياسي وأصبح التعاطي مع الأقلية الفلسطينية أكثر أهمية من التعاطي مع حزب الله وحماس والرئيس الإيراني أحمدي نجاد! فهذا المعسكر يولي الاهمية القصوى للحفاظ على يهودية الدولة ويرى بالفلسطينيين هنا قنبلة موقوته وخطرا يهدد ديموغرافية الدولة !ويرى ايضا بالتهجير افضل السبل للتخلص من "الخطر الداخلي"! لقد اعلنها اكثر من مسئول اسرائيلي وعلى رأسهم (تسيبي ليفني) عندما صرحت قبل عدة اشهر بان المكان الطبيعي لعرب الداخل هو الكيان الفلسطيني ! هناك توافق تام بينهم في المشاريع التي تحاك خلف الابواب المقفلة بما يخص مستقبل فلسطينيي ال 48 !
***
في ظل تنامي وتصاعد التهديدات التي تتعرض لوجودنا في وطننا ما هو المطلوب عربيا وعالميا وداخليا ؟ وهل نمتلك الاجندة والحيلة للتصدي ؟! وهل سنبقى نتعاطى مع المسألة كظاهرة عابرة ام يجب ان نأخذها على محمل الجد ونتعاطى معها كمشروع قد يخرج الى حيز التنفيذ في وضح النهار وفي اية لحظة ؟
إن ما يُسهل على قادة إسرائيل تنفيذ مشروعهم هو غياب الموقف العربي وبالذات الفلسطيني وتغييب الرأي العام العالمي ولامبالاة القيادة الداخلية لفلسطينيي ال 48 وعدم تعاملها مع المسألة بشكل جدي !
قادة الدولة العبرية لن يتورعوا عن استغلال حالة حرب لخلق فوضى في المنطقة والاقدام على تهجير مئات الالاف من فلسطينيي الداخل وكان شيئا لم يحصل ،تماما كما حدث عام 48 .. ليس هناك قوة عربية ولا حتى موقف ردعي عربي او فلسطيني يمكن لاسرائيل ان تأخذه بالحسبان ! وليس هناك موقف عالمي يمكنه ردع اسرائيل، العكس صحيح فالصمت العالمي هو الذي شجع اسرائيل وحفزها على اعتماد البطش والقوة والعربدة في تعاملها مع الشعوب العربية وفي مقدمتهم الشعب الفلسطيني ومحرقة غزة ليست بالبعيدة والعدوان على الشعب اللبناني عام 2006 ليس بعيدا .
علينا ان نستنهض الرأي العام العربي والعالمي وندفع بهذه القضية الى الواجهة الاعلامية قبل فوات الاوان !لاننا لا نريد ان نجد انفسنا امام خيارين اما الموت او الرحيل فالخيار الاول يبقى المفضل لدينا !
ان ما هو مطلوب من قيادة شعبنا الفلسطيني التنبه لهذه القضية واخذها بعين الاعتبار في أي مفاوضات سياسية مع الطرف الاسرائيلي ملخصها عدم المس بشرعية وجودنا هنا على ارض ابائنا واجدادنا .. اما ما هو مطلوب من قيادتنا المحلية فهو اكثر بكثير... يتمحور في صياغة اجندة قادرة على تحاشي الهجمة الشرسة التي نتعرض لها وقادرة ايضا على مواجهة التحديات التي تواجهنا وستواجهنا في المستقبل
.

الأربعاء، 18 فبراير 2009

وثيقة بيلين - ابو مازن ..رحم الله حق العودة !

وثيقة بيلين – أبو مازن .. رحم الله حق العودة!

الدكتور عدنان بكرية

الوثيقة التي صاغها (يوسي بيلين) وزير الخارجية الإسرائيلية سابقا و(أبو مازن) عام 95 بشأن حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بشكل نهائي بين الطرفين ،تنسف حق العودة تماما وتتعارض وتطلعات الشعب الفلسطيني وثوابته الوطنية ،لا بل أنها تتوافق والرؤية الإسرائيلية لسبل حل القضية الفلسطينية والتي تتعامل مع قضية اللاجئين كقضية مادية قابلة للمقايضة ! سأتناول في مقالي هذا أهم بنود الوثيقة والتي تتنكر لحق لاجئي شعبنا بالعودة هذه البنود التي تشكل طعنة في ظهر أكثر من ثلاثة ملايين لاجئ فلسطيني ما زالوا يحملون كواشين أراضيهم ومفاتيح بيوتهم في انتظار العودة الموعودة..
الوثيقة تلك تنسف حق شعبنا في العودة وتنسف احد أهم أركان الميثاق الوطني الفلسطيني الذي أقيمت على أساسه (م .ت. ف) وتقبر حلم الملايين بالعودة إلى ديارهم.. هذا الحق الذي أقرته الأمم المتحدة ،لكن تم مسحه على طاولة بيلين- أبو مازن ! دون العودة إلى المؤسسات الفلسطينية وحتى دون اخذ رأي لاجئي شعبنا !
إن أي مشروع تسوية مقترح يجب أن يعرض على الشعب ويحظى بالموافقة وقبل التوقيع على بنوده ،لكن ما جرى بخصوص الاتفاق انه لم يأخذ حتى برأي القيادة الفلسطينية آنذاك وعندما سئل أبا مازن عن الوثيقة قال انها مجرد اجتهادات !لكن ما نلمسه اليوم ان هذه الاجتهادات المرفوضة فلسطينيا أخذت طريقها إلى الشرعنة بعد تسلم محمود عباس زمام السلطة !
عندما يرتضي أصحاب القضية بمقررات شرعية جديدة لا تنطبق مع المقررات الدولية، فإنهم يميعون مطالب الشعب ويفسحون المجال أمام الازدواجية الدولية في التعامل مع تلك القضايا، خاصة أن المقررات الجديدة قد قامت على التراضي بين أطراف القضية تطعن الثوابت الفلسطينية في الصميم وتخلق قناعة دولية ومبررات للقفز عن احد أهم ركائز التسوية!
سأتناول بعض بنود الوثيقة واحللها واترك للقراء إمكانية الاجتهاد والتحليل
((يدرك الطرف الفلسطيني بأن مستلزمات العهد الجديد من السلام والتعايش، بالإضافة إلى الحقائق التي خلقت على الأرض منذ 1948م، جعلت تنفيذ هذا الحق غير عملي؛ لذا يعلن الطرف الفلسطيني استعداده لقبول وتنفيذ إجراءات ستضمن - إلى الحد الذي يكون فيه ذلك ممكنًا - مصلحة خير هؤلاء اللاجئين))."مستلزمات العهد الجديد" و"الواقع الجديد" و"الحقائق التي خلقت على الأرض".. كل هذه المصطلحات محاولات بائسة لا يمكنها أن تشكل أساسا للحلول الباهتة المطروحة والتي تتعامل مع قضية اللاجئين على انها قضية إنسانية وليست قضية وطنية لشعب هُجر من وطنه بالقوة والبطش والمجازر ! وهذه المقدمة ما هي إلا مؤامرة حيكت لنسف حق شعبنا في العودة (جعلت تنفيذ هذا الحق غير عملي )!كما تقول الوثيقة بصراحة ! وهنا من حقنا أن نسأل هل تحول حق العودة إلى مجرد شعار انتهازي تطلقه القيادة الفلسطينية لتخدير لاجئي شعبنا وإبقائهم في حلم قد لا يستفيقوا منه ؟!
إن جذور القضية الفلسطينية هي مشكلة اللاجئين وحق العودة وتنفيذ قرارات الأمم المتحدة المتعلقة والمعلقة .. وإذا كان العالم اقر بهذا الحق المقدس فكيف يسمح السيد محمود عباس لنفسه الالتفاف على إرادة العالم تحت ذريعة (الواقع الجديد )ويسقط أهم الثوابت الفلسطينية وبشكل رسمي ؟! الواقع الجديد أيضا قد يخرج مشروع (الترانسفير) إلى حيز التنفيذ ! فهل سنتعامل مع هذا المشروع ونراعيه ونقبله لاعتبارات الواقع الجديد ؟
القدس تصادر وتطوق بالمستوطنات والأقصى يضج ويتألم تحت بلدوزرات الحفر والتجريف فهل سنتنازل عن القدس كعاصمة للدولة الفلسطينية تحت بدعة الواقع الجديد ؟!
الحركة الثورية وجدت أصلا لأنها ترفض الواقع المفروض وتسعى لتغييره بما يتماشى وتطلعات الشعب المضطهد المشرد وإذا انصاعت للواقع الذي تحاول إسرائيل فرضه فإنها تفقد سحنتها الثورية وتُقزم قامتها النضالية وهذا الأمر ينطبق على كل فصائل شعبنا وأطيافها وليس على حركة فتح بالتحديد !
ان التنازل الواضح عن هذا الحق (حق العودة) فتح الأبواب أمام إسرائيل للتنكر لكل حقوق الشعب الفلسطيني وأعطى المبرر للعالم بان لا يتعامل مع قضية حق العودة بتفاصيلها وباعتباراتها السياسية والوطنية!
في عام 2000 وفي كامب ديفيد رفض الشهيد ياسر عرفات التعامل مع هذا الطرح ورفض التوقيع على أية تفاهمات تستثني القدس وحق العودة وأطلق كلمته الشهيرة (ليس منا وليس فينا من يتنازل عن الثوابت الفلسطينية ) وبعدها بدأت إسرائيل تفكر بكيفية تغييبه عن الساحة السياسية ! وبين متناقضين فلسطينيين يدفن سر اغتيال ياسر عرفات ! وتتابع الوثيقة
((في الوقت الذي يعترف فيه الطرف الإسرائيلي بالمعاناة المعنوية والمادية التي تعرض لها الشعب الفلسطيني كنتيجة لحرب 1947 – 1949، فإنه يقر أيضًا بحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى الدولة الفلسطينية وحقهم في التعويض وإعادة التأهيل مقابل خسائرهم المعنوية والمادية)).
في هذا البند يقر الطرفان بان ما حصل عام 47 من تهجير جماعي وتطهير عرقي للشعب الفلسطيني واقتلاعه من وطنه بأنها نتاجا لحرب دارت بين طرفين!! فأي حرب دارت بيت شهداء دير ياسين وعيلبون وو .. وبين العصابات الصهيونية آنذاك ؟!
يكفي قراءة هذا البند الذي يتعامل مع قضية اللاجئين كقضية مادية وتعويضات وعودة محدودة إلى إطار الدولة الفلسطينية الغير قائمة لنعرف عمق المؤامرة التي تحملها هذه الوثيقة والتي تنسف الحق الوطني للشعب الفلسطيني من جذوره !وتتابع الوثيقة
((استكشاف نوايا اللاجئين الفلسطينيين من جهة، والبلدان العربية وغيرها من جهة أخرى، فيما يتعلق بالرغبة في الهجرة والإمكانات المتوافرة.التحري مع الحكومات العربية التي تستضيف تجمعات اللاجئين، ومع هؤلاء اللاجئين أيضاً، عن أماكن للاستيعاب في هذه البلدان حيثما كانت هذه الرغبة متبادلة)).
انه تهجير جديد من منفى قسري إلى منفى آخر يختاره اللاجئون بنفسهم في ظل انعدام الخيارات الأخرى وتغييب خيار العودة إلى أرضهم وقراهم .إن المهرولين خلف هذه الخيارات تناسوا أن مشاريع التوطين والتعويض والتأهيل والتجنيس لا يمكن أن تشطب قضية الوطن مهما كانت الإغراءات لأن الأوطان ليست سلعة تخضع للبيع والشراء في البازارات التصفوية الدولية مهما قست الظروف على الشعب الفلسطيني .
((تعتبر منظمة التحرير الفلسطينية أن تنفيذ الوارد أعلاه تسوية كاملة ونهائية لقضية اللاجئين بكل أبعادها. تتعهد منظمة التحرير الفلسطينية إضافة إلى ذلك عدم تقديم أي ادعاءات أو مطالب إضافية ناتجة عن هذه القضية عند التنفيذ الكامل لاتفاق الإطار هذا))

هكذا تتعهد منظمة التحرير بعدم المطالبة مستقبلا بأي حق !! على نمط الصلح العشائرية ودفع (الديّة) لأهل القتيل !وببساطة !
إن القيادة التي تتعامل مع اعقد وأصعب قضية عالمية بهذه البساطة والسذاجة.. لا يمكنها أن تكون أهلا للمسؤولية ولا يمكنها أن تتحمل أعباء المرحلة ولا يمكن ائتمانها على مصير شعب بأكمله !
إن ما جرى من حرف لمسار المنظمة ومن انقلاب على الميثاق الوطني الفلسطيني لا يمكن اعتباره أمرا بسيطا ولا يمكن تركه يمر مر الكرام ! وعليه فان ما هو مطلوب نزع شرعية المنظمة من تلك الفئات وليس إقامة منظمة بديلة ! وإعادتها إلى موقعها الصحيح بثوابتها الوطنية .. وهذا الأمر مطلوب من شرفاء حركة فتح قبل الفصائل الأخرى قبل فوات الأوان !


كاتب فلسطيني من فلسطين ال 48

الأحد، 15 فبراير 2009


د. عدنان بكرية : قراءة أولية لنتائج انتخابات الكنيست
كما كان متوقعا وحسب استطلاعات الرأي التي سبقت الانتخابات فقد فاز المعسكر اليميني برئاسة (نتنياهو) بغالبية مقاعد الكنيست، لكن لن يكون سهلا عليه تشكيل حكومة موسعة,
د. عدنان بكرية
تضم شاس وليبرمان وحزب العمل! أو حكومة وحدة وطنية تضم الليكود وكاديما لاعتبارات متعددة سياسية ودينية واجتماعية وحتى لو تشكلت مثل هذه الحكومة فإنها لن تستمر طويلا وسيجد الناخب الإسرائيلي نفسه أمام انتخابات برلمانية جديدة في غضون سنتين !من الصعب على (ليفني) أن تجلس في حكومة يقودها (نتنياهو) وهي التي انشقت عن الليكود مع شارون واولمرت قبل ثلاثة أعوام وحتى لو جلست فان الخلاف سيطفو على السطح بين الفينة والأخرى وبالتالي ستفض الشراكة .. ومن الصعب على (شاس) المتدين الجلوس مع ليبرمان في حكومة واحدة لاعتبارات دينية واجتماعية متعددة ! وحزب العمل وبعد الضربة التي تلقاها لن يدخل أي ائتلاف حكومي ولن يكون شريكا في أي حكومة لان أزمته الداخلية ستجبره على الجلوس في المعارضة وترميم بيته الداخلي .المشهد الحزبي الإسرائيلي معقد للغاية إذ ليس بمقدور (كاديما ) بزعامة ليفني تشكيل الحكومة وتبقى فرص نتنياهو لتشكيل الحكومة أوسع وأسهل رغم التعقيدات التي سيواجهها بسبب ضم ليبرمان للائتلاف وتداعيات ضمه على المستوى الاوروبي والأمريكي !الخلاف والتناقض داخل الأحزاب الصهيونية لا يتعلق بالشأن الفلسطيني وحل القضية الفلسطينية ولا يمكننا أن نتحدث بمصطلحات يمين ويسار صهيوني فمعسكر اليسار الصهيوني يتبنى نفس الأجندة التي يطرحها الليكود وليبرمان ويطرح نفس الرؤية.. لكن التناقض بينهما هو في كيفية ووسيلة نسف فكرة الدولة الفلسطينية من أساسها وفي كيفية التلاعب على المجتمع الدولي فالفارق بين المعسكرين هو فارق دبلوماسي لا أكثر !الأسابيع القادمة ستكون حاسمة بالنسبة للحكم في إسرائيل فإما أن تشكل حكومة يمينية صرفة أو تشكل حكومة وحدة وطنية تضم كاديما والليكود وفي الحالتين لن يكن عمر الحكومة طويلا ! غزة أنقذت الأحزاب العربية !برغم انخفاض نسبة التصويت في الوسط العربي بحوالي خمس نقاط مقارنة بالانتخابات السابقة وارتفاع نسبة التصويت في الوسط اليهودي ،إلا أن الأحزاب العربية عززت قوتها وزادت تمثيلها من عشرة مقاعد إلى احد عشر مقعدا إذا لم يحصل أي تراجع بعد الفرز النهائي !السبب الحقيقي وراء محافظة الأحزاب العربية على قوتها منح أكثر من تسعين بالمائة من المصوتين العرب ثقتهم لهذه الأحزاب.نستطيع القول بان الأحزاب الصهيونية قد كُنست من الساحة العربية ولم تحصل على شيء مقارنة بالانتخابات السابقة ولأحداث غزة والمجازر التي ارتكبت هناك الدور الأكبر في كنس تلك الأحزاب ! شكرا لك غزة !إن ما هو مطلوب من الأحزاب العربية مراجعة الذات والتعلم من أخطاء الماضي وإجراء دراسة مستفيضة وعميقة لتدني نسبة التصويت وامتناع خمسين بالمائة عن التصويت في الوسط العربي ! اولا - الأزمة لا تكمن بالجماهير بل بالقيادة التي وللأسف وسعت الهوة والمساحة الفاصلة بينها وبين الجماهير ! وهنا لا يمكننا تجاهل أهم عامل في عزوف حوالي خمسين بالمائة من الناخبين العرب عن الإدلاء بأصواتهم وهو عامل التشرذم الذي يسيطر على المشهد الحزبي لفلسطينيي الداخل والخلافات الهامشية بين الأحزاب هذه الخلافات التي يقف في محورها عنصر الأنانية والذاتية وتركيب القوائم الانتخابية !ثانيا – الإحباط من الوضع وعدم مقدرة الأحزاب العربية على تحقيق أي انجاز اجتماعي سياسي يصب في مصلحة الأقلية الفلسطينية والقضية .. هذا الإحباط يتصاعد بوتيرة عالية وازداد بعد أحداث غزة وعدم قدرة القيادة هنا على التفاعل مع الأحداث بالشكل المطلوب ! ثالثا – عدم مقدرة الأحزاب العربية الإجابة على تساؤلات وتحديات تطرح أمام الأقلية الفلسطينية هنا وعدم قدرتها على رسم معالم المرحلة القادمة وصياغة أجندة سياسية تتلاءم والوضع الناشئ في ظل تنامي قوة اليمين الفاشي وتلويحه بعصا التهجير والترحيل . رابعا – تنامي الوعي الوطني لدى فلسطينيي الداخل بعد الضربة التي تعرض لها شعبنا فالعدوان على غزة متّن الرباط الانتمائي بالشعب الفلسطيني وأصبح الفلسطيني هنا يشعر نفسه جزءا من القضية الفلسطينية وليس متضامنا تتحكم به الظروف كما ترى القيادة هنا !! ولا ننكر ان التحول الحاصل على المستوى الفلسطيني العام انعكس على فلسطينيي الداخل وحالة الفرز التي يمر بها شعبنا انعكست على شعبنا هنا في مناطق ال 48 !هذه حقيقة لا يمكن إنكارها . خامسا – نظرة بعض القياديين وليس كلهم بان مقعد الكنيست إستراتيجية وهدف وغاية وليس وسيلة لتحقيق إستراتيجية ملخصها العمل والتأثير، لذا تم تمييع الدور المنوط بعضو الكنيست العربي فليس من المقبول أن يبقى عضو الكنيست العربي ست دورات متتالية في موقعه !كل هذه الأسباب وغيرها (التي لا مجال لذكرها هنا ) أدت إلى عزوف نصف المجتمع العربي عن التصويت وعليه فان ما هو مطلوب أن تراجع الأحزاب العربية نفسها وانا اشك بأنها ستغير من توجهها ونهجها في التعاطي مع الأزمة ! دائما صرخنا ونادينا ، لكن لا حياة لمن تنادي !لا نريد لهذا الوضع أن يستمر وإذا كانت أحداث غزة قد ساعدت في تعزيز قوة الأحزاب العربية فعلينا أن نأخذ بعين الاعتبار أسباب امتناع نصف عرب الداخل عن التصويت ونعالج الأمور بشفافية وموضوعية بعيدا عن اختلاق المبررات اللا موضوعية !

الجمعة، 6 فبراير 2009

انتخابات مغمسة بالدم الفلسطيني

انتخابات مغمسة بالدم الفلسطيني !

الدكتور عدنان بكرية

بعد يومين يتوجه الناخب الإسرائيلي إلى صناديق الاقتراع لانتخاب قيادة جديدة وكل الاستطلاعات تشير إلى ارتفاع أسهم اليمين الفاشي بقيادة (ليبرمان ) واليمين المتطرف بقيادة (نتنياهو) والذين استثمروا ووظفوا الدم الفلسطيني النازف في غزة في سوق الدعاية الانتخابية والمؤسف ان تلاقي هذه الدعايات رواجا داخل المجتمع الاسرائيلي الذي وحسب الاستطلاعات يزداد عنصرية وغطرسة وعداءا للعربي .. لا يريد السلام ولا حتى وقف نزيف الدم في غزة !

الليكود بزعامة نتنياهو ويسرائيل بيتينو بزعامة ليبرمان يحاولان استقطاب الناخب الاسرائيلي من خلال إبداء التشدد والترويج للقتل والبطش والمزيد من الحصار لأبناء شعبنا في غزة !ولا ننكر ان هذه الأحزاب زادت قوتها ورفعت أسهمها في الشارع ليس لأنها قادرة على إنهاء العربدة والبلطجة وإيجاد حلول ،بل لأنها ماضية في تعزيز سياسة البلطجة والعربدة والقتل وتصعيدها ما بعد الانتخابات !
هذا الأمر ليس غريبا على أحزاب رضعت من حليب العداء والعنصرية وتعمدت في (كنيس)العربدة والقهر والإذلال !
كنا نتوقع تنامي قوة اليمين الفاشي والمتطرف وكلاهما وجهان لعملة واحدة ولا فرق بينهما وبين التحالف الحاكم حاليا اذا تعلق الأمر بالشعب الفلسطيني والأمة العربية .. ونعرف بأن احد أهم الأهداف للعدوان البربري على غزة هو استثمار الدم الفلسطيني في بورصتهم الانتخابية ! فلقد تعودنا سابقا على هذا النهج فالأحزاب الصهيونية وقبل كل انتخابات تحاول الضرب بيد من حديد وترتكب المجازر لتوظيفها في الانتخابات كما حصل عام 96 وارتكاب شمعون بيرس مجزرة (قانا )في لبنان .

رسالة للأحزاب العربية
ما لا يمكننا تقبله وفهمه محاولة الأحزاب العربية استثمار الدم الفلسطيني في بورصتها الانتخابية.. وكأن الدم النازف في غزة تحول إلى سلعة ! كان عليكم توظيف انجازاتكم المعدومة.. لا انجازات اهل غزة ومقاومتها ..وهنا من حقنا أن نسأل تلك الأحزاب...الم يكن حريا بكم الاستقالة الجماعية من الكنيست كخطوة احتجاجية ولو لمرة واحدة على المجازر التي ترتكب هناك الا الم تكن المجازر التي ارتكبت بغزة بحجم مقاطعتكم للانتخابات ؟!
الأحزاب العربية مصرة على خوض غمار الانتخابات وتقول ان مقاطعة العربي للانتخابات تعطي ليبرمان فرصة الفوز (مضحك حقا)! سيمفونية طالما سمعناها قبل كل انتخابات .. وهل وجودكم في برلمان صهيوني سيمنع ليبرمان من العمل على تجسيد وترجمة سياسته ؟!
ستون عاما ونحن نصرخ على منصة الكنيست كالديكة ! فهل استطاع صراخنا ان يحقق جزء بسيط من تطلعات الاقلية الفلسطينية ؟!! هل استطاع صراخنا ان يثني الكنيست الاسرائيلي عن تشريع قوانين ابرتهايدية عنصرية تمسنا وتمس شعبنا بوجوده وكيانه ؟!
اليك ايتها الاحزاب العربية التي توظف الدم الفلسطيني في سوقها الانتخابي اتركي الدم الفلسطيني لأنه أعظم واطهر من أن يتحول إلى سلعة في سوقكم الانتخابي !
والله إني أخجل من تلك الأحزاب التي تحاول الإبحار في عباب الدم الفلسطيني للوصول إلى البرلمان الصهيوني !
والله إني اخجل بمن يمتطي حصان الألم الجريح ويرفع صور الأشلاء والأطفال لكسب تأييد الناخب العربي ! أخجل منكم يا أبناء غزة وشهداء غزة !
اخجل بقيادة لا تعي خطورة اللعب على مشاعر البشر وتوظف الآهات الفلسطينية للوصول إلى منبر صهيوني كان وما زال منصة تحريض على شعبنا وأبنائه !
هناك تقر الحروبات التي تُشن على شعبنا وامتنا ! هناك تسن القوانين العنصرية التي تحرمنا من مقومات العيش الكريم على أرضنا ! فهل استطاع النواب العرب منع تشريع قانونا عنصريا أو التأثير على أي قرار سياسي أم عسكري ؟!

دائما أبديت تحفظي من جدوى اللعبة الانتخابية الإسرائيلية ومشاركتنا فيها لأسباب متعددة وفي مقدمتها أن الصوت العربي ما زال يشكل غطاءا لديمقراطية حكام إسرائيل المزعومة والوهمية ! ومنح العرب حق الترشح والتصويت إنما يخدم (البروباغاندا ) الإسرائيلية وادعاءاتها بمساواة المواطنين العرب !!
فهي تمنحنا حق الانتخاب وفي نفس الوقت تحرمنا أدنى مقومات الحياة الكريمة على ارض آبائنا وأجدادنا !!تمنحنا حق التصويت والترشح وتمارس ضدنا شتى أنواع وأشكال التمييز العنصري !
تحفظي نابع من أن الكنيست ليس المنبر النضالي المصيري والمركزي الذي يجب أن يعتليه فلسطينيو الداخل كونه لم يكن إلا مجرد منصة استعراضية خطابية لم تحقق شيئا يذكر للفلسطينيين هنا ! وارى بأنه يجب الاتجاه نحو العمل الميداني الشعبي الذي اثبت نجاعته وقدرته في التأثير حتى لو كان هذا التأثير قليلا !أو على الأقل عدم تهميش العمل الشعبي الميداني على حساب العمل البرلماني إذ يجب الموازاة بين العملين !
فالعمل البرلماني لم يأت بجديد ولم يمنح الأقلية الفلسطينية هنا حقوقها الحياتية !واثبت عدم قدرته على تحقيق أي انجاز يصب باتجاه مساواتنا ! أو باتجاه نصرة اخوتنا في الضفة والقطاع أو نصرة القضية الفلسطينية والتأثير على مجراها !
لقد أثبتت تجربتنا أن النضال الميداني الشعبي هو الذي أعطى ثماره في قضايا حصرية معينة وهو الذي أثر بشكل وآخر على منع بعض المظاهر التمييزية وتنفيسها وجعل حكام إسرائيل يحسبون الحسابات الدقيقة قبل الإقدام على خطوة تمس بوضعية الأقلية الفلسطينية هنا !فهبة يوم الأرض عام 1976 قادت إلى استعادة الأراضي المصادرة لأغراض عسكرية !

تحفظي نابع من أن اللعبة الانتخابية أضرت بالوحدة الوطنية لفلسطينيي الداخل وقسمت الشارع الفلسطيني تباعا وما زالت تشرذم الأحزاب والفعاليات السياسية !!إلا أن الأحزاب العربية تصر وبشكل دائم على المشاركة وخوض الانتخابات لاعتبارات ذاتية ! وكيف لا .. فعضو الكنيست يحظى بكل الامتيازات والتسهيلات المادية والحياتية (سيارة ،مرافق مكتب)! هنيئا لكم بالامتيازات !وهنيئا لكم بتبييض وجه حكام إسرائيل الشاحب والمغبر !هنيئا لكم بما ستحصِلونه ! لكن ارحمونا وارحموا شعبنا ولا تستغلوا دماء غزة فهذه الدماء الطاهرة أعظم من أن توظف في سوقكم الانتخابي !

الدكتور عدنان بكرية
كاتب من فلسطين ال 48
Dr.adnanb@hotmail.com

الثلاثاء، 3 فبراير 2009

ألف تحية لأسد الأناضول

الدكتور عدنان بكرية


شبل من صلب ذاك الأسد يا سيد طيب رجب اوردغان ! "السيد بيرس, أنت أكبر منى سنا، لكن صوتك عال، وهذا يعنى وجود أزمة نفسية لديك وأذكركم بأنكم سبق أن قمتم بقتل الأطفال على ساحل غزة ولم يكن هناك صواريخ تطلق منها ولديكم رئيسا وزراء عبرا عن سعادتهما عند دخول الدبابات لغزة وأنا ضد الذين يصفقون لهذا الظلم سواء هنا أو هناك، وهذا يمثل في حد ذاته جريمة أخرى ضد الإنسانية". هذا ما قاله أسد الأناضول لشمعون بيرس في قمة دافوس وخرج محتجا من قاعة الاجتماع تاركا وراءه شمعون بيرس وعمرو موسى يتسامران !
لو ان الخجل له مكان في ضمائر زعماء امتنا لاستقالوا بعد ان سمعوا اقوال هذا الطيب والذي لم تهمه عضوية بلاده في المجموعة الاوروبية .. لم تهمه ارتدادات اقواله على وضع تركيا والحملة التي سيشنها "العالم الحر" واتهامه باللاسامية فكان الحق والدم الفلسطيني اغلى عنده من كل العلاقات المشوهة والمغمسة بالدم الفلسطيني !
هذا الاسد الطيب يدخل التاريخ من ابوابه الواسعة حاملا دم اطفال غزة متصديا لشمعون بيرس "وأذكرك يا سيد بيرس أن التوراة تمنع القتل وكثير من يهود العالم شجبوا كل هذا القتل واستخدام القوة المفرط". وخرج من قمة دافوس مرضيا ضميره موجها صفعة للضمير العالمي هازا عروش الانظمة رافعا راية الحق خفاقة في سماء استانبول !
عاد لتستقبله الحشود في المطار بطلا منتصرا وقائدا يفخرون به ويقول لشعبه "ممكن أن أبدأ لينّا ولكني لست الحمل الوديع" هذا الكلام أثلج صدور الملايين في العالم الذين يرفضون القتل والحرق وإراقة الدماء.. لم يكن كلام الطيب للاستهلاك بل كان كلاما خارجا من قلب إنسان ذو ضمير ومسئولية حبذا لو تحلى به الزعماء العرب الذين لم يخجلوا من أنفسهم عندما سمعوا اسد الأناضول يزأر بوجه بيرس ويوبخه على ما ارتكبوه في غزة وفي مشهد قلما رأيناه من قبل !
الطيب طلّق دافوس بالثلاث لانه يرفض الجلوس مع قتلة الأطفال وحارقي المدن واقسم انه لن يعود إلى دافوس ليصفق لمن قتلوا الأطفال ولمن أعطوا الغطاء السياسي والإعلامي لارتكاب المجازر !
مؤكدًا أن المجازر التي يرتكبها الجيش الاسرائيلي في غزة ستبقى "نقطة سوداء في تاريخ الإنسانية".وأضاف قائلا:"إن المذابح ضد الفلسطينيين تفتح جروحا يصعب شفاؤها في ضمير الإنسانية"
يا اسد الاناضول أطفال غزة بحاجة إليك وللكلمة تصب بلسما على جراحهم النازفة .. كلماتك جعلتنا نؤمن ان للعدالة شجعانا مثلك يرفعونها عاليا غير آبه بمصالحك الإقليمية والدولية !
أطفال غزة وشعبنا بحاجة لأمثالك من الزعماء لا لزعامة لا تعرف معنى الكرامة والعزة والكبرياء ! غزة ليست بحاجة لزعامة تسبح في عباب دمها لتصل الى مبتغاها .. ليست بحاجة لقمم كسيحة هابطة مشوهة .. قمم تساوي بين الجلاد والضحية !
يا أسد الأناضول الشرفاء من امتنا لن ينسوا لك هذا الموقف الجريء والمشرف في زمن قل الشرفاء وصار قول الحق جريمة وإرهابا !وأنت الذي فضلت الانتصار للحق على مصلحة بلادك وارتباطاتها الاقتصادية والسياسية !
فيا أيها الأسد الطيب اسمح لي أن أقول بأنك دخلت التاريخ من أبوابه الواسعة وسجلت اسمك بأحرف من ذهب لأنك صفعت المعتدي والمتآمر وعرفت للحق سبيلا..
بورك البطن الذي حملك يا ابن الأناضول

المحرقة القادمة لفلسطينيي ال 48 !

المحرقة القادمة لفلسطينيي ال 48 !

الدكتور عدنان بكرية

لا أبالغ إذا قلت انه ينتابني القلق إزاء ما قد يتأتى بعد العدوان الهمجي على غزة وما رافقه من محارق ومجازر بحق أبناء شعبنا .. وبعد أن تجاوز قادة إسرائيل كل الأعراف الإنسانية والأخلاقية والسياسية ! فلم يعد هناك محرمات في قاموس الصهيونية ولا يوجد قوة عربية أو عالمية تكبح جماح شهوة الاعتداء والبطش التي تسيطر على غريزة قادة الدولة العبرية !
قلقي له ما يبرره، ليس فقط العدوان بحد ذاته، إنما ما رافق هذا العدوان من تأييد شعبي إسرائيلي كاسح عبّر عن طبيعة المجتمع الإسرائيلي الذي رضع من حليب العداء للعربي وبات فريسة للدعاية الإعلامية الصهيونية المضللة وأكثر تشددا وتطرفا من قيادته الحالية!
كيف لنا أن نفهم صمت الشارع الإسرائيلي على ما يقوم به قادته العسكريين والسياسيين ؟وكيف يمكننا أن نفهم تقبله وتأييده لقتل الأطفال وحرق الأخضر واليابس ؟! وكيف لنا أن نفهم الإجماع الشعبي الإسرائيلي على ضرورة الاستمرار في العدوان وهذا بدا جليا في ارتفاع أسهم اليمين المتطرف الذي يتبنى هذه الفكرة في استطلاعات الرأي الأخيرة ؟!
العدوان على غزة كان المجس لطبيعة ووجهة المجتمع الإسرائيلي وباعتقادي أن هذا المجتمع لا يتجه نحو إحداث تغيير جوهري وحقيقي في سياسة الأحزاب التي تقوده وهو غير ناضج لتقبل الخيارات السلمية كمخرج من أتون المحارق التي تلتهب هنا !كل هذا بسبب غياب الإعلام العربي وسيطرة الإعلام الصهيوني المضلل .. كل هذا بسبب الثقافة العنصرية التي تُصب في أذهان المجتمع .. كل هذا بسبب اللامبالاة والتواطؤ الفلسطيني والعربي وبسبب غياب مشروع عربي ردعي يلجم شهوة البلطجة والقتل والتدمير!
التقرير الذي أعده مركز حقوق المواطن قبل سنة يعبر عن العنصرية المستشرية داخل المجتمع الإسرائيلي !
55 بالمائة من المواطنين اليهود يؤيدون التهجير للعرب من وطنهم 78بالمائة يعارضون وجود العرب داخل الحكومة... 55 بالمائة يعتبرون العرب قذرين وأغبياء 75… بالمائة لا يرغبون في السكن مع العرب في بنايات مشتركة ! ليس لدي أدنى شك من أن هذه المعطيات ارتفعت اثر العدوان على غزة وهذا يؤكده ارتفاع أسهم ممن ينادون بضرورة الحفاظ على نقاء الدولة "العبرية "والبحث عن سبل لتحاشي الخلل الديموغرافي الذي يحدثه عرب ال 48 !
نغمة الانتقام من فلسطينيي ال 48 وعمليات الاستفزاز لا تخيفنا ولا تقلقنا بقدر ما تقلقنا امكانية اقدام حكام الدولة على عملية تهجير جماعية على نمط ما حصل عام 48 فهذه النغمة نسمعها بين الفينة والأخرى من قادة الدولة الرسميين وتلاقي تأييدا شعبيا كاسحا !
ارتفاع أسهم وقوة اليمين المتطرف بقيادة (نتنياهو) واليمين الفاشي بقيادة (ليبرمان ) صاحب فكرة القاء قنبلة نووية على غزة ومهندس فكرة تهجير عرب الداخل .. واللذان وظفا محارق غزة ووجوب الاستمرار بها في دعايتهما الانتخابية لتعزيز قوة اليمين ورفع أسهمه... يترك أكثر من مؤشر خطير على ما ينتظر المنطقة ... ويثير القرف والقلق في آن واحد ! وفي نفس الوقت يستنهضنا لقراءة المستقبل وما قد يحمله من ارتدادات على وضعية الأقلية الفلسطينية هنا والتي تتجاوز المليون ونصف المليون مواطن !وعلى وضعية ومستقبل الصراع العربي الإسرائيلي وبالتحديد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي .
قد نتجاهل التهديدات التي يطلقها الأفراد هنا فلقد تعودنا عليها ! لكن التصريحات التي يطلقها القادة الرسميين للأحزاب الإسرائيلية تدعونا للحذر والتيقظ والتهيؤ لما هو قادم (فتسيبي ليفني) أعلنتها أكثر من مرة وقبل شهرين بأن الكيان الفلسطيني (الكانتون )سيقوم.. وعندها سنقول للعرب هنا بأن مكانكم داخل الكيان الفلسطيني !وقبلها طالبت الدول العربية الاعتراف بيهودية الدولة كشرط لأي تقدم في "العملية السلمية "وهذا يعني تنقية إسرائيل من الفلسطينيين والذين بقوا في وطنهم وعلى أراضيهم عام 48.
ليبرمان يتوعد ويهدد بترتيبنا بعد الانتخابات وكذالك نتنياهو يعلنها
' أقول لعرب إسرائيل: انبذوا المتطرفين من بينكم. وللمتطرفين أقول: احذروا، سنعمل بيد من حديد ضد مؤيدي حماس داخلنا'
فالتضامن مع شعبنا الذي يحرق بالفوسفور الأبيض واليورانيوم المخضب هو التطرف من وجهة نظر (نتنياهو) وهو عدم الولاء للدولة !أقولها ودون عوائق وبفم ملآن ودون تأتأة بأن واجبنا الأخلاقي والإنساني والوطني ،يحتم علينا التضامن مع أهلنا ودعمهم بمقومات الحياة والبقاء .. لا احد يستطيع التحكم بموقد مشاعرنا وأحاسيسنا.. لا ليبرمان ولا ليفني ولا نتنياهو! وحتى لو هددونا بالترحيل فإننا باقون هنا ما بقي الزعتر والزيتون ! نحن المواطنين الأصليين ولا شرعية لطائر يحلق في الفضاء دوننا ! نقول لهم
"هنا على صدوركم باقون كالجدار وفي حلوقكم كشوكة الصبار .. كأننا عشرون مستحيل في اللد والرملة والجليل "
زمن الترحيل والتهجير ولّى الى غير رجعة وعليكم وقبل أن تفكروا بترحيلنا وتهجيرنا أن تجهزوا مليون ونصف المليون تابوت (بعددنا).. لأننا نفضل الموت على الرحيل ! لم يتعلموا من تجارب الماضي ولا من التاريخ وهم ماضون في نسج المخططات الهادفة الى (تطهير الدولة من العرب) حسب تعبيرهم !
نحن جزء من هذا الشعب شاء من شاء وأبى من أبى ! وفي نفس الوقت لا نخاطر ونغامر باختراق السقف القانوني نناضل وفق طاقاتنا وقدراتنا وهامش تحركنا !ولا نجازف ونرتكب الحماقات لأننا نعرف بأن لنا هنا ماض وحاضر ومستقبل واخوتنا في الفصائل الفلسطينية يتفهمون ظروفنا ويعون هذه الحقيقة .
إن ما أخشاه وبعد محرقة غزة أن تجازف القيادة الإسرائيلية وتقامر بمصيرنا مصير مليون ونصف المليون فلسطيني ممن بقوا في أرضهم !واخشي أن يعتلي سدة الحكم أمثال (ليبرمان) مهندس فكرة الترانسفير ومُقترح القاء القنبلة الذرية على غزة !فدخوله أي ائتلاف حكومي سيجعل مشروعه (التهجيري)الدموي سهل التنفيذ!
إن تخوفي نابع مما حصل في غزة في أجواء صمت عالمي وتقاعس عربي ، وأصبح الحرق والقتل والتهجير شيئا عاديا بالنسبة للقادة الإسرائيليين (شُربة سيجارة ) كما يقول مثلنا !فهل يا ترى سيجسد ليبرمان مشروعه الترانسفيري ضدنا بالمحارق والبطش والقتل ؟!
ان اكثر ما يقلق المؤسسة الحاكمة هنا هو الخلل الديموغرافي الذي سيحدثه فلسطينيي ال 48 مستقبلا وتحولهم الى اكثرية في اسرائيل وبالتالي فقدان طابع الدولة اليهودية ! لذا دأبوا على وضع المخططات لتحاشي هذا الخلل الخطير! واذا عجزت اسرائيل عن تحاشي هذا الامر فانهم لن يتورعوا عن تهجير جزء كبير من فلسطينيي الداخل بالقوة والبطش والقتل !
فهل المحرقة القادمة ستكون من نصيبنا ؟!سؤال يبحث عن جواب !


الدكتور عدنان بكرية
كاتب من فلسطين ال 48dr.adnanb@hotmail.com